جحاية
طوال الربع قرن الماضي حصلت على عدة ألقاب من الحجة الله يطول بعمرها، وكل لقب حصلت عليه ضمن مرتبة شرف وبسبق إصرار وترصد، ولكن كان لقب جُحاية الأكثر نغاشة ً وحباً على قلبي، على سبيل المثال عندما كنت صغيرة ألعب بالخارج أعود إلى البيت بسرعة البرق لشرب الماء وبطبعي العجول ولقصر قامتي أتعاجز إحضار طاولة للوقوف عليها وجلب كأس لأشرب به فأجد أمامي علبة لبن فارغة وأعبئها بالماء وأشرب وأنا ألهث وطبعا تشرب معي ملابسي كذلك، فتصرخ بي الحجة وتقول: "قلة كاسات في البيت... والله إنك جُحاية...".
يعود لقب جُحاية بالأصل إلى جحا تلك الشخصية الفكاهية التي تدّعي
البلاهة والذي اعتدنا على قراءة نوادره وطرائفه، وكيف في كل طرفة يُخرج نفسه من أي
مأزق بكل حنكة وتعقّل وكيف يجد حلا بطريقة مخالفة للطبيعة والعادة، وحتى أصبح
اليوم يُضرب به المثل حين نقول :"وين دانك يا جحا"، ومن أحد طرائفه:
"دفع أحدهم كتابا إلى جحا ليقرأه ..فعسرت عليه قراءته.. ولم يعرف ما فيه
وأراد جحا أن يتخلص من المأزق فسأل الرجل: من أين جاءك هذا الكتاب؟ فقال الرجل من
مدينة حلب.. فقال جحا: صدقت..ومن قال لك أني أعرف القراءة بالحلبي؟
وفي وقتنا الحالي أقرب ما نجده من قصص فكاهية وطريفه نكاد لا نفرق
بينها وبين نوادر جحا وهي نوادر وطرائف مجلس النواب أو مجلس ال(111) أو مجلس نواب
المكسرات لكن باختلاف بسيط هنا وهو دون ادعاء البلاهة.
مجلس النواب أو مجلس الشعب الذي من المفترض أن يمثلنا ويكون لنا
أينما احتجناه نرى ونسمع في كل يوم طرفة جديدة ورائعة، يعني عندما ابتدأ الربيع
العربي وبدأ كشف المستور ومطالبة الشعب بمحاسبة الفاسدين ومحاكمتهم هرع مجلس
النواب لتلبية طلب الشعب بالموافقة على مادة 23 من القانون التي تتعلق باغتيال
الشخصية... وطرفة أخرى بعدما شعروا بأن الأرض بدأت تتزلزل من تحت كراسيهم
والمطالبة الحثيثة من الشعب لحل المجلس، وافقت اللجنة القانونية في مجلس النواب
على مقترح قدمه النائب ممدوح العبادي وهو تمكين النواب السابقين والحاليين من حمل
جوازات سفر دبلوماسية طبعا لتسهيل مهمة عمل المسؤول في الشسمه والله أعلم... فعلا
إنه مجلس نواب جُحاية...
وطبعا العديد العديد من القصص والنوادر التي لو تم جمعها وسردها وعمل
أفلام بها وفتح قنوات في التلفاز لفاقت قناة مجلس النواب قنوات MBC الفضائية، يعني لو أسمينا أحد القنوات جُحاية
آكشن لكان أبطالها ثلاترباع المجلس لما نراه من هوشات وطوشات وكفوف وبكسات مأكشنه
في كل يوم تقريبا، وجُحاية كوميدي من أكل ومرعى وقلة صنعة لبعض النواب التي في آخر
المطاف تسعدنا وتضحكنا وتدخل كفكاهة في أحاديثنا اليومية، وجُحاية رعب ويكون بطلها
النائب يحيى ال Sawعود الذي أتحفنا بقبضته الوحشية وبسط سيطرته
المرعبة في أرجاء القبة وحتى في خارجها، وجُحاية دراما التي معها تنهمر دموعنا
رغما عنا فقط بمجرد تحويل زر القناة عليها من قرارات نيابية فاشلة ودموع نواب
حارقة وتسهيلات نيابية مع تعسيرات شعبية، وأخيرا وليس آخرا ستحظى جحاية أكاديمي
على أكثر نسبة مشاهدين كونها تبث مباشرة من داخل قبة المجلس وهنا كل فرد من الشعب
سيتعلق قلبه بنائب ما كل حسب شخصيته وذوقه، والأروع من ذلك أنه يوجد في هذا المجلس
نظام وخاصية " النومينيه أو النومينيشن" أو بلغة المجلس وهو خاصية طرح
الثقة كما حصل مع الوزير الدكتور محمد نوح القضاه، ولحق عاد على حملات التصويت الموالية
والمناهضة لكل واحد...
والله لو إجا جحا وحضرله جلسة وحدة بمجلس هالنواب كان طلع يحكي
سنسكريتي مش بس حلبي لأنه وظع المجلس طعة وقايمة...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق