حفل شواء الحرية
يحكى أن هناك
رجل بسيط يعيش في كوخ هو و كلبه الصغير، وكان كل صباح يستيقظ ويخرج لجلب قوت يومه
عن طريق جمع الحطب وبيعه، وكان كلبه دائما يساعده إما عن طريق النباح إذا رأى حطبة
كبيرة أو أنه يحمل ما يستطيع في فمه الصغير و يجمعه مع كومة الحطب، حتى اعتاد على
الأمر وأصبح كاليد اليمنى لسيده، وكان الكلب يحب سيده حبا كثيرا لما اعتاد منه أن
يشاركه كل شيئ من طعام وشراب ومسكن وحديثه معه كما لو كان ابنه الصغير، ومرت
الأيام وكبر الكلب وأصبح عوضا عن النباح على الحطب الكبير يحمله بنفسه وبكل ثقة
وقوة، وأصبح أكثر إدراكا من السابق، ومع العمل الدؤوب استطاع الرجل أن يطور عمله
بمساعدة كلبه الوفي، وقام بجلب خادما ليحمل عنه وعن كلبه مشقة ما تحملاه خلال
السنين الماضية، في أول الأمر لم يدرك الكلب أن هذا الشيئ لصالحه حتى يرتاح، و بقي
كل صباح يهرع إلى الخارج ويلتقط الحطب، ولكنه أصبح يشتت و يوتر عمل الخادم مما
اضطر سيده أن يربطه بين الحين والآخر حتى لا يعكر صفو العمل ومع ذلك لم يكترث
الكلب و كان كلما رأى سيده يركض إليه من شدة الفرح و كان يحول بينه وبين عناق سيده
حبل مربوط بعنقه وبشجرة كانا يستظلان تحتها بعد عناء عمل يوم طويل، ومع ذلك كان
موقنا بأن ما يفعله سيده هو لمصلحتهما. وكان الرجل يذهب ويتحدث مع الكلب كلما
اشتاق إليه و كلما سنحت له الفرصة، و مر الوقت وكثرت أعمال الرجل وما عاد هناك وقت
ليلعب ويطعم ويتحدث مع كلبه، وأصبح الكلب هزيلا حزينا ووحيدا ومؤنسه الوحيد مجرد
حبل قد تهرأ من كثرة الإلتفاف حول الشجرة ليصطاد بعض من الخنافس ذات الطعم المر
الكريه وبعض من الثمر المفغص المتساقط على الأرض الذي لا يسمن ولا يغني من جوع،
وذات يوم اشتم الكلب رائحة جميلة طيبة بل ورائعة إنها رائحة شواء، وتصاعدت الرائحة
في أرجاء المكان ولم يستطع الكلب أن يتمالك نفسه وأن ينتظر سيده ليأتيه بالطعام
الفاخر المكون من بقايا الطعام الملتصق بالعظام، فظل ينبح وينبح دون جدوى، ويشد
الحبل تارة والحبل يشده تارة أخرى، ولكن جل همه كان أن يحرر نفسه من الحبل
حتى يأكل ما قد حرم منه واشتهاه منذ مدة طويلة غير مكترث بالغبار الذي أعمى عيناه
وملئ المكان من كثرة الحراك والدوران، ولم يكترث للحبل وما خلفه من جروح ودماء حول
عنقه، لم يعد هناك شعور بالألم ولم يعد هناك وجود للصبر ولم يعد هناك شيئ إلا
المسافة التي تبعد بين الكلب وبين قطعة اللحم، و لم يتبق هناك إلا ثوان قليلة سرعان
ما قطع الحبل و هرع الكلب بكل ما لديه من قوة وجرأة وركض حتى انقض على مائدة
الطعام وهذه الملاعق تتطاير و الصحون تتكسر وهذا سيده قد زحف إلى زاوية الغرفه
وثيابه متسخه بالطعام و ترى جسده قد ملأه الجروح من شظايا الزجاج وملأ وجهه ملامح
الإندهاش والاستغراب بسبب همجية وحقارة ودنائة الكلب الجائع.
ملاحظة(1):
الكلب لم يتعمد أن يؤذي سيده ولم تخطر على باله هذه الفكرة بتاتا
ملاحظة (2):
السيد أراد أن يفاجئ الكلب بالغنيمة بعد طول الإنتظار لكن الوقت قد غدره وفاجأه هو
الخلاصة:
"ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" و الجوع
كــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــافر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق