الأحد، 26 أغسطس 2012

أعلنت انسحابي...


أعلنت انسحابي...

في خضم معركة ضحاياها جرحى قتلى و أسرى... أعدت سيفي لغمده وأعلنت انسحابي... 
أعلنت انسحابي بعد أن ملأت الجروح جسدي... بعد أن أرادت الحرب أن تضعني في كفنها عوضا عن كنفها... بعد ما رأيت أحبائي أخلائي أصدقائي بين من علق مشنقته في وسط باحة المعركة مرهقا و يائسا من هذه الحرب الضروس... و بين من أَسرَته عتمة الليالي و سراب الصحارى و أصبح يترنح كالذي يتخبطه الشيطان من المس... و بين من أكلت النار صدره و أبقت على جسده المعذب حتى يستشعر كل ذرة ألم  تجتاح أعماقه... 
هذه معركة لم أشعلها ولكنها أشعلتني و أيقذت جميع حواسي فأصبحتُ أرى زفير أمواج البحر و أسمع مُر و علقم الورد و اتذوق لون حمم البركان... كل شيء تغير حواسي تبعثرت وانقلبت رأسا على عقب... 
أعلنت انسحابي... ورفعت رايتي البيضاء في وجه المعركة لا طامحة بفوز ولا حتى بخسارة... إنها معركة أفقدتني من كنت أعتقد أعز الناس... أفقدتني من كنت أعتقد أصدق الأحباب... أفقدتني من كنت أعتقد أقرب الأصحاب...
فقدتهم...
فقدتهم بعد أن خانتني حروفي و ظروفي و أضرمت بيننا النار
فقدتهم بعد أن صددتهم ردعتهم نبذتهم لأني لم أعد أميز بين الأخيار و الأشرار
فقدتهم بعد أن حاربت في هذه المعركة لوحدي فازدتُ قوة وتأقلما على الوحدة عوضا عن المناجاة و الانتظار
أعلنت انسحابي... لأني ماعدت أطيق الجروح التي خلفتُها بقصد أو من غير قصد لي ولغيري
أعلنت انسحابي... لأني ما عدت أتحمل فراق صديق بعد أن أمضينا أجمل الأوقات وكان لي كأخ لم تلده أمي
أعلنت انسحابي... لخوفي من أن أجد في أجندة مستقبلي قلوب حزينة مجروحة و معلقة أتحمل خطاياها أنا وحدي
والآن لا يسعني إلا أن أوضب حقائبي قبل أن تضع الحرب أوزارها... وأشد الرحال إلى مملكة الصفاء و الهدوء... مخلفة ورائي أوجاعي و جروحي لتضمر وحدها... نازعة خلال مسيري أنياب الذئاب التي حاولت أن تؤذيني و تلتهمني... قاطعة الوعد بأن أضع هذه الحرب في حقيبة النسيان وألقيها في غيابة الجب... وأرسم خط سير لرحلتي المجهولة حتى توصلني لمملكةِ من صنع يدي مستعينة بزلات وعثرات الماضي والحؤول دون الوقوع بهما مرة أخرى...و أرسم شمسا جديدة أشعتها خيوط أمل تنير دربي لتزيدني قوة على قوة... 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق